تلك العتمة الباهرة

تلك العتمة الباهرة

.السلام عليكم
.أهلًا بكم في مراجعة جديدة لكتاب جديد

    المؤلف : الطاهر بنجلّون

    الناشر : المركز الثقافي العربي
    تاريخ النشر : ٢٠٠١
    التصنيف : رواية – ادب سجون
    عدد الصفحات : ٢٥٤


ملخص :


– رواية من أدب السجون تصف وقائع حدثت في المغرب أثر انقلاب عسكري، كل أحداث هذه الرواية واقعية… إنها مستلهمة من شهادة أحد معتقلي سجن ( تزمامارت).
تصف المعاناة التي عاشا عزيز ١٨ عامًا تجرع فيها صنوف العذاب هو و رفاقه الـ٢٣ و التي انتهت بموت العديد منهم، من الروايات المؤلمة التي تطلعك على قسوة عالم آخر عالم تجرد من الانسانية.

 – مصابي جليل، والعزاء جميل، …

وظني بأن الله سوف يديل

جراح وأسر، واشتياق، وغربة…

أحمل إني، بعدها، لحمول

وإني، في هذا الصباح، لصالح،…

ولكن خطي في الظلام جليل 


إذا أردتَ أن تعلَمَ قسوةَ السجّان، وتواطؤ السجن عليك، فأسأل سجين، أو ذويه

إذا أردتَ أن تتذوَق صِدق المعاناة، وتتذوّق طعمَ الحياة الآخَر، فرجاءً لا تقرأ رواية عن الحبّ السرمديّ، ولكِن إقرأ في أدبِ السجون

رواية الطاهر بن جلّون هذه، مقتبسة عن الحقيقة، يروي لنا سجيننا معاناته، في الزنزانة “ب” مع ٢٣ سجين غيره، ويقصّ علينا بأسلوب “باهِر” موتَ المعظم الساحِق من أصدقائه، وظروف موتهم

سُجِنوا لمحاولتهم الإنقلاب على الملك المغربي الحسن الثاني، في إنقلاب الصخيرات الشهير في ١٠ آب ١٩٧١

الكلمات لم تستعصِ على الطاهِر بن جلّون لوصف الحفرة -الحبس- الذي دفنوا فيهِ أحياء، على مدار ١٨ عاماً

لم يفقدوا إيمانهم بالله، وبقيَت ألسنهم رطبى بالقرآن والحديثِ الحسن

إرتقوا فوق عذاباتهم الجسمية، إرتقوا فوق الجوع، فوقَ التقتير، فوق الضيق، فوق العتمة، فوقَ العقارِب والصراصير، وفوقَ سخرية السجّان

وفي النهايَة، يتواطؤ السجّان مع سجينه، ويبدأ نموّ أمل الحرية، بعدَ أن قتلوه

هيَ فعلاً رواية باهِرة، فوقَ الوصف 

جميلة، مؤلمة، ولا ترتوي منها

عن الكاتب :

– الطاهر بن جلون ( ولد في ١ ديسمبر ١٩٤٤، فاس ) كاتب فرنسي من أصول مغربية. ينتمي إلى الجيل الثاني من الكتاب المغاربة الذين يكتبون باللغة الفرنسية وله إصدارات كثيرة في الشعر والرواية والقصة، وتتميز أعماله بالطابع الفولكلوري والعجائبي. هو حاصل على جائزة غونكور الفرنسية عن رواية “ليلة القدر”.

– جميع أعمالة مكتوبة باللغة الفرنسية إلا أن العديد من كتبة ترجمت إلى العربية والإنجليزية
درس إبن جلون المتوسطة في مدرسية ثنائية اللغة (عربي-فرنسي) ثم درس اللغة الفرنسية في مدينة طنجة حتى أصبح في الثامنة عشر وبعدها أكمل دراستة الجامعية في عاصمة المغرب, الرباط, فدرس الفلسسفة و ألف أول قصيدة له في ذاك الوقت بعام ١٩٧١
عمل كبروفيسور يدرس الفلسفة أولا في طانجة ثم في كازابلانكاوبعد ذالك إنتقل إلى فرنسا ليكمل دراستة في علم النفس وأثناء ذلك قام بالكتابة بشغف شديد
في عام ١٩٧٢ بدأ بالكتابة لصحيفة فرنسية وفي عام ١٩٧٥و حصل على الدكتوراة في الطب النفسي الإجتماعي وأما في عام ١٩٨٥ نشر أول كتاب له وهو “طفل الرمال”. 

مراجعتي :
هذه الرواية انسانية و عميقة جدًا، كُتبت ببراعة و فن، و من العجيب أن يكون وصف الظلام و العذاب فنًا!. لمست قاعه رغم عمقه فاحزنتني تضاريسه المشوهه، علمت من الصفحة الاولى انها ستكون رواية عظيمة، رواية لا تُنسى لذلك انهيته في جلسة واحدة. ثمانية عشر عامًا افناها عزيز في حفرة معتمة مع رفاقه وضعوا فيها جميعًا كي يدفنوا أحياء، ابهرتني دقة وصف الكاتب خصوصًا عندما ذكر الآية الكريمة ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا ۗ وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ ) ، كيف استطاع عزيز الحفاظ على صلابة جأشه و ايمانه تحت الارض، لا نور أو هواء لدرجة تجعله يحسد الانعام، ارتني هذه الرواية قساوة و فضاعة هذا العالم بطريقة باهرة، حتمًا كانت رواية باهرة.

تقييمي:

إقتباسات :

لطالما فتشت عن الحجر الأسود الذي يطهر روح الموت. و عندما أقول لطالما، أتخيل بئرًا بلا قعر و نفقًا حفرته بأصابعي، بأسناني. يحدوني الأمل العنيد بأن أبصر، ولو لدقيقة، لدقيقة متمادية خالدة، شعاع نور، شرارة من شأنها أن تنطبع في مأقِ عيني و تحفظها أحشائي مصونة كسر. فتكون هنا، ساكنة صدري، مرضعة ليالي البلا ختام، هنا، في هذا القبر، في باطن الأرض الرطبة، المفعمة برائحة الإنسان المفرغ من إنسانيته بضربات معزقة تسلخ جلده، و تنتزع منه البصر و الصوت و العقل.

و لكن ما جدوى العقل، هنا حيث دُفنا، أقصد حيث وُورينا تحت الأرض و تُرك لنا ثقب لكفاف تنفسنا، لكي نحيا من الوقت، من الليالي، ما يكفي للتفكير عن ذنبنا؛ و جُعل الموت في بطئه الرشيق موتًا متماديًا في تأنيه، مستنفدًا كل وقت البشر، البشر الذين ما عدنا منهم، و أولئك الذين ما زالوا يحرسوننا، و أولاءِ الذين حللنا في نسيانهم التام. 

فالليل سيكون صحبتنا، ومرتعنا و عالمنا و مقبرتنا؛ كانت تلك أول معلومة بلغتني. فبقائي حيًا، و تعذيبي و احتضاري، أمورٌ مدوَّنة على غشاء الليل

لكني في الحقيقة كنت حيًا، مكابدًا الحياة في بؤسها المدقع

منذ ليلة العشر من تموز ١٩٧١، توقفت سنوات عمري. لم أتقدم في السن، و لم أجدد صباي. من يومها فقدت سني، فلم يعد باديًا على محياي. و الواقع أني ما عدت هناك لكي أمنح عمري وجهًا، إذ وقفت ناحية العدم؛ هناك حيث لا وجود للزمن، متروكًا للريح، مستسلمًا لذلك الشاطئ الواسع من الملاءات البيض التي يرجحها نَسَم خفيف، موهوبًل للسماء المفرغة من نجومها، من صورها، من أحلام الطفولة التي كانت هي ملاذها، المفرغة من كل شيء

يحاول أن يصدق أنه نائم و أن ما يراه إنما حلم مفرط في قبحه. لا، كنت أعلم أنه لم يكن حلمًا. كانت أفكاري صافية، و أوصالي ترتعد بقوة. لم أسد أنفي، بل تنفست القيء و الموت ملء رئتي. 

كنت أقول في سري: الإيمان ليس هو الخوف، الانتحار ليس حلًا. المنحة تحد، المقاومة واجب و ليس فرضًا، و الحفاظ على الكرامة هو الشرط المطلق. تلك هي المسألة: الكرامة هي ما تبقى لي، هي ما يتبقى لنا. كل منا يبذل ما بوسعه لكي لا تكس كرامته، و تلك مهمتي، أن ألبث واقفًا، أن أكون رجلًا لا خرقة، لا ممسحة جنفاص، لا خطأ.

معظم الذين قضوا لم يقضوا جوعًا، بل حقدًا. الحقد يُضعف. إنه يتأكل الجسم من الداخل و يصيب جهاز المناعة. فعندما يقيم الحقد في دواخلنا، ينتهي الأمر بأن يسحقنا.

أقصد علينا أن نموت وحيدين. لم نعد موجودين. نحن أموات. و أنا واثق من أن أسماءنا قد شُطبت من قيد النفوس. فما الجدوى إذًا من حشو رؤوسنا بآمال كاذبة؟ إني أتكلم، أتكلم كثيرًا لأن ذلك يشعرني بوجودي، لا بل يشعرني بأني أقاوم. غير أننا صنيعو النسيان. لا بل نحن النسيان ذاته. يحدث لي أحيانًا أن أفكر جديًا في أنني ميت، و أننا أصبحنا في الآخرة، في الجحيم.

كنت قد لزمت الصمت، مقتنعًا بأني صرت كتابًا لن يفتحه أحد.

حكيمًا عجوزًا يهمس في أذني. و كان يردد ذكر الصبر :
أيها الكائن الذي مسه الضر،
اعلم أن الصبر فضيلة من فضائل الإيمان،
و اعلم أيضًا أنه هبة من الله.
أذكر النبي أيوب، الذي قاسى ما قاساه؛ أتى الله على ذكره لكي تتعظ، و يقول عنه إنه من الصالحين.
أيها المسلم، لست منسيًا يرغم الظلمات و الأسوار.
اعلم أن الصبر هو سبيل الخلاص و مفاتيحه. ففي آخر المطاف، أنت تعلم جيدًا أن الله مع الصابرين!











رغد الغامدي

شكرًا


مدونة حلم
مقالات شائعة
Agnosia
Medical articles

Agnosia

Agnosia is the inability to interpret sensory information. It also characterized by..
Schizophrenia
Medical articles

Schizophrenia

Schizophrenia is a medical term Schiz/o- means to divide or split and..
The Humans
Books reviews

The Humans

I honestly don’t know what to say or even how to start...
Harry Potter and the Prisoner of Azkaban
Books reviews

Harry Potter and the Prisoner of Azkaban

Assalamualaikum.   Welcome to another review with another book.   Author: J.K. Rowling Publisher: Bloomsbury Publication..
Sophie’s World
Books reviews

Sophie’s World

Assalamualaikum.   Welcome to another review with another book.   Author: Jostein Gaarder Publisher: W &..
اقرا ايضا
Pride and Prejudice
Books reviews

Pride and Prejudice

Assalamualaikum.   Welcome to another review with another book.   Author: Jane Austen Publisher: Wordsworth Classics  ..
مريض بالإنسانية
مراجعات الكتب

مريض بالإنسانية

السلام عليكم .أهلًا بكم في مراجعة جديدة لكتاب جديد .معلومات عن الكتاب..
مزرعة الحيوان
مراجعات الكتب

مزرعة الحيوان

السلام عليكم .أهلًا بكم في مراجعة جديدة لكتاب جديد .     ..
It’s all a matter of attitude
Books reviews

It’s all a matter of attitude

Hello everybody ! how are you ?.. this is my first English book review..
أشواك
مراجعات الكتب

أشواك

السلام عليكم .أهلًا بكم في مراجعة جديدة لكتاب جديد .     ..