سألتني صديقةً لي إن كنت أرى نفسي فوضويةً أم لا ؟ .. فكرت لبرهة ثم اجبتها بلا تردد أن المحيط هو إنكعاس لأفكاري.
لاحظت بعد تجارب فاشلة، وصداقات لم تستمر ، وعلاقات سطحية و غيرها كمية التأثير على المحيط الخارجي، فعندما تكون أفكاري مشوشة، قلقة و لا حد لها؛ يكون محيطي فوضويًا مبعثرًا. كثرة التفكير بحد ذاته يعد أمرًا مرهقًا فاتجه للنوم بعد يوم كامل من التفكير المستمر دون اي نشاطات بدنية تذكر، فالتفكير المبالغ فية أو overthinking كانت مشكلة بالنسبة لي، لأنها تحول بيني و بين هدف الذي علي التركيز فيه، رحلتي لمعالجة هذه المشكلة كانت صعبة بل أصعب مما تتخيل، فعندما أفكر كيف انهي تفكيري هنا أنا ازيد الطين بله و ازيد الأمر سوءًا، كان من الصعب علي التركيز في ما أفعل لأنني دائمًا ما أفكر في أمور اخرى.
بدأت رحلة ممتعة و مؤلمة عن اكتشاف ذاتي، لم انهها بل ما زلت اعيشها كل يوم.
بدأتها بالكتابة ، كنت أكتب ما أحب و ما أكره و غيرها من سفاسف الامور، كانت الكتابة بالنسبة لي طوقًا للنجاة من كثرة التفكير، فمثلًا عندما أشرع بكتابة مشكلة ما أجدني بطرقة ما أكتب حلًا لها بين السطور، الكتابة جعلتني اتخطي هذه المشكلة و بالتالي ساعدتني على الاسترخاء و تنظيم أفكاري.
و لأني أؤمن بأن البداية الجيدة تصنع يومًا جيدًا ؛ غيرت طقوسي الصباحية ، و على رغم انشغالي إلا إنني خصصت وقتًا لي، لي مفردي و حسب، اراجع نفسي، أكثر من التأمل و الاسترخاء، اكتب و انظم أفكاري و الملم شتات نفسي، و اعيد صياغة أهدافي، و اخيرًا ترتيب محيطي.
لاحظت تأثير تلك العادات على الصعيد النفسي و المادي لذلك أردت مشاركة هذه الأفكار، فأنا أنصح كل من يعاني من التشويش و كثرة الأفكار بالكتابة، فالكتابة يعد علاجًا أكثر من كونه مهارة و فن.
جلسة مع الذات، نقوم فيها بترتيب الاولويات و الافكار و المهام و لو نصف ساعة بالاسبوع كفيلة بأن تساعدنا على التفكير و الزيادة من الانتاجية، جلسة مع الذات تساعدنا على اكتشاف ذواتنا و ما يميزنا في زمن أصبح الناس فيه متشابهين قلبًا و قالبًا. نفعل هذا و ذاك إما بسبب تأثيره اللامباشر أو نفعله قصرًا تحت ضغط المجتمع و المحيط، في زمن نصلي ولا ندري ما نقول، في زمن يقف افراده في مفترق الطريق حائرين لا يعلمون اين يذهبون و ماذا يريدون و ما هي أهدافهم، بل و حتى بعد عدة عقود، لا يزال البحث عن هذا الجواب يثير تساؤلهم، من هم؟ و ماذا يريدون؟
و النهاية أدركت سبب تكرار لفظ ( افلا يتفكرون/ فكر ) في القران الكريم ثمانية عشر مرة، لأن التفكير هو أساس كل شيء، فحياتك تتغير فقط عندما تغير طريقة تفكيرك اتجاه الامور، فنحن في زمن تعدد فيه الطوائف و الفرق بسبب اختلاف رأيهم و تفكيرهم بل و حتى الحضارات التي سقطت سابقًا، لم تسقط إلا بسبب اعوجاج تفكيرهم.
رغد الغامدي
رغد الغامدي